وزارة الخارجية السورية تبعث وفدا تقنيا إلى الرباط من أجل تقييم وضع مبنى سفارتها.. والمغرب يتريث في طلب الشرع زيارة المملكة

 وزارة الخارجية السورية تبعث وفدا تقنيا إلى الرباط من أجل تقييم وضع مبنى سفارتها.. والمغرب يتريث في طلب الشرع زيارة المملكة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 27 يونيو 2025 - 17:33

بعد أكثر من عقد من القطيعة، بدأت تتحرك المياه الراكدة في العلاقات المغربية السورية ضمن خطوات هادئة لكنها محمّلة بالرمزية، تسير وفق إيقاع غير متزامن بين عاصمتين كانتا إلى وقت قريب، على طرفي نقيض في الملفات الإقليمية، وعلى رأسها قضية الصحراء.

المشهد الجديد، بدأ يتبلور مع الاطاحة بالنظام السابق، وقرار الملك محمد السادس، خلال القمة العربية ببغداد في ماي الماضي، إعادة فتح سفارة المغرب في دمشق، بعد إغلاق دام منذ سنة 2012، وقد نقل القرار، باسم الملك وزير الخارجية ناصر بوريطة، في ما اعتُبر رسالة مباشرة إلى القيادة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع بأن المغرب مستعد للانفتاح.. لكن بشروط.

ولم تمر سوى أسابيع قليلة حتى أوفدت وزارة الخارجية السورية وفدا تقنيا إلى الرباط من أجل تقييم وضع مبنى السفارة السورية، المغلق بدوره منذ 2012، وهو ما أكدته مصادر دبلوماسية مطلعة لـ "i24NEWS"، موردة أنه تم بموافقة مغربية مسبقة، في إطار "تمهيد تقني" لاستئناف العلاقات على أسس جديدة.

غير أن هذا التمهيد، لم يُتوّج بعد بخطوة مقابِلة من المغرب، بل استُقبل بموقف متريّث، حيث لم تُصدر الرباط أي إعلان رسمي بشأن موعد تبادل السفراء، ولا بشأن الطلب الذي تقدمت به دمشق لزيارة الرئيس السوري للمغرب.

وفي الكواليس، تقول المصادر الدبلوماسية إن الرباط وضعت شرطا واضحا لتوسيع العلاقة، عبر اعتراف رسمي من دمشق بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهي ليست سابقة في السياسة الخارجية المغربية الحديثة، بل أصبحت جزءا لا يتجزأ من استراتيجية الدولة في تدبير علاقاتها الثنائية، خاصة مع الدول التي سبق لها أن تبنت موقفا رماديا أو داعما لجبهة البوليساريو.

في هذا السياق، تؤكد المصادر ذاتها أن الطلب السوري بزيارة الرئيس أحمد الشرع إلى المغرب لم يُقابل بحماس رسمي لأن الرباط، وفق المعطيات، لا ترى جدوى من “التحركات الرمزية” مالم تُترجم إلى مواقف سيادية واضحة.

وضمن أوراق "حُسن النية"، أفادت تقارير إعلامية ومصادر سورية بأن دمشق أبلغت الرباط بقرارها إغلاق مكتب جبهة البوليساريو في العاصمة السورية، في خطوة حظيت بتفاعل إعلامي واعتُبرت "بادرة" تجاه المملكة، لكن المعطيات الدقيقة تؤكد أن مكتب البوليساريو في دمشق كان قد توقّف فعليا عن النشاط منذ سنوات، ولم يعد له أي حضور سياسي أو ميداني، خصوصا بعد انهيار نظام بشار الأسد، ودخول البلاد مرحلة جديدة، وهذا يعني أنه ليس قرارا طارئا، بل محاولة لإعادة تأويل موقف قديم في توقيت دبلوماسي محسوب.

ورغم ذلك، لم ترد الرباط على الخطوة، ولم تصدر عنها أي إشارة بخصوص تقييمها لهذا التطور، بما يُعزّز فرضية أن المغرب لم يعد يكتفي بالرمزيات، بل يطالب بمواقف واضحة ومكتوبة وعلنية، خاصة من دول مثل سوريا، كانت تاريخيا أقرب لمحور الجزائر–طهران في الموقف من قضية الصحراء.

وهكذا، فإن السؤال الذي يفرض نفسه، هو هل نحن أمام تغيير حقيقي في موقف دمشق، أم أنها فقط تُراوغ دبلوماسيا من أجل اختراق الحصار العربي والانفتاح من بوابة مغربية؟، وبهذا الخصوص يُعلّق الدكتور سعيد رزيق، الباحث في العلاقات الدولية، في تصريح لـ "الصحيفة": "الخطوات التي تتخذها سوريا اليوم تعكس إرادة حذرة للخروج من العزلة لا تزال تراهن على أن تُقدّم تنازلات رمزية دون الدخول في الالتزامات الكبرى".

ويرى الخبير في العلاقات الدولية، أن الرباط على العكس، "تُفاوض بمنطق مختلف، وهو من أراد فتح صفحة جديدة، فعليه أولا أن يُغلق نهائيا صفحة البوليساريو ويُعلن اعترافه بسيادة المغرب على صحرائه، لا أن يتعامل مع الملف بمنطق التسويف والمناورة."

ويضيف رزيق: "قرار الملك محمد السادس بفتح سفارة المغرب في دمشق لا يُقرأ كضوء أخضر مطلق، بل كنافذة اختبار.. ودمشق أمامها فرصة لتثبت أنها راغبة في تحوّل استراتيجي حقيقي، لا مجرد استعادة شكلية لعلاقات دبلوماسية مع وقف التنفيذ."

وفي سياق التحقق من خلفيات هذه التطورات، وتحديدا موقف الحكومة السورية من شرط الاعتراف بمغربية الصحراء، راسلت الجريدة وزارة الخارجية السورية عبر قنواتها الرسمية، متسائلة عن مدى وجود نية لإصدار موقف رسمي في هذا الشأن، أو توقيت محتمل لتنظيم زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الرباط، إلا أننا لم نتلق أي رد حتى لحظة نشر هذا التقرير.

ويؤكد هذا الصمت أن دمشق لم تحسم بعد خياراتها النهائية، وتُحاول الإبقاء على الغموض الاستراتيجي تجاه قضية تعتبرها "شائكة" في ميزان تحالفاتها السابقة، خصوصا مع الجزائر.

واليوم، لا تبدو الرباط مستعجلة لتطبيع شامل مع دمشق، ولا مهتمة بإعادة تدوير العلاقات كما كانت قبل 2011. فما تطلبه واضح، اعتراف صريح بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وموقف سياسي ثابت يضع حدا لأي ماضي داعم للانفصال.

في المقابل، تقف سوريا بين حسابات المصلحة واستحقاقات السيادة، بين الرغبة في اختراق العزلة العربية، والخوف من خسارة التوازنات القديمة، لكن في حسابات المغرب، الزمن السياسي الحالي لا يقبل الرمادية، ومن لا يُصرّح علنا لا يُكافأ سرا، وهكذا، تبقى سفارة سوريا في الرباط مُقفلة، رغم تفقد وفودها، ويظل رئيسها ينتظر دعوة رسمية.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...